معلومات عن قضاء طرابلس




الحياة في طرابلس: مدينة الخبز والملح


د. جان توما منذ البدء، كانت طرابلس مدينة مفتوحة على البحر.
والبحر حمّل وجوه وجاليّات إلى الشاطئ، ومن المنطقي، إذاً، أن ترتبط هذه المدينة البحرية، على مرّ تاريخها المديد،بالوظيفة التي بُنيت لأجلها.
من هنا تنوّعت فيها المجموعات السكنية، عبر التاريخ، من كنعانيين وفرس وإغريق وسلوقيين وقبائل عربية وافدة من إقليم حوران وغيره في سوريا.
كانت طرابلس تتألف من ثلاثة أحياء: حي الصوريين وحي الصيداويين وحي الأرواديين.
من هنا نرى عائلات كبيرة لُقّبت بأسماء «الصوري » و «الصيداوي » و «الأروادي 2» ، وتنتمي إلى جماعات دينية متنوّعة، وهذا يبرّر الاسم الذي اشتقّ من علاقة الترابط والتفاعل بين المدن الفينيقية الثلاث التي شاركت في تأسيسها 3.
من هنا، سنتناول في هذه العجالة صوراً عن مسرى الحياة الواحدة للنسيج الأهلي في مدينة الميناء، طرابلس التاريخية، كصورة عن نمط حياة أهل الفيحاء في تَوادّ ووئام من خلال تظهير أصالة الميناء، كما طرابلس، المتجذّرة في بساطة عيش ناسها، وفيانفتاحهم على الآخر، وفي تآلفهم، وفي قدرتهم على العطاء بغير مقابل. ولتأكيد انفتاح الفيحاء على البنية الديموغرافية المستجدة، نشير إلى أنّ عدد سكان الميناء كان 13400 نسمة في عام 1932 (الإحصاء الرسمي الأوّل والأخير) بعدما كان 8535 نسمة في عام 1913 . وقد ساهم في هذه الزيادة لسكان الميناء، ما وفد إليها من مهاجرين في تلك الفترة واستقروا فيها، كأهل جزيرة كريت والأرمن واليونانيين وغيرهم 4.
وهذا التراكم السكاني الوافد أكد سمة المدينة البحريّة المنفتحة ، وقد برز بوضوح التزايد المطّرد لعدد الساكنين في الميناء نسبة إلى عدد المسجّلين في سجلاتها ، كما أنّ فترة الحرب التي امتدت من عام 1976 إلى عام 1989 ساهمت في الزيادة الديموغرافية ، حيث ارتفعت نسبة سكان الميناء نحو 43 بالمئة 5 بعدما قدم أبناؤها صورة حضاريّة عن رقيّهم، وانفتاحهم وقبولهم بالآخر المختلف عنهم ، وأبرزوا مدينتهم كمدينة سكنيّة جاذبة وهادئة بامتياز.
هذا الثقل السكني الجديد لم يمنع تعمّق الناس في السكن أكثر في المنطقة القديمة حيث النسيج الأهلي الميناوي المتنوّع بعفويته على طول هذا الحي الاقتصادي، والذي يجتمع فيه الناس صباحاً للتبضّعوتوفير الحاجات الضرورية.
وقد رفع مجلس بلدية الميناء عام 2009 التخطيط عن أكثر من 500 عقار قديم 6 كي تبقى هويتها سالكة في الداخل بين أبناء المجتمع البحري الواحد، لتكون هذه المنطقة الرئة التي تتنفس بها المنطقة الغربية التي نشأت بعدما شُقّ شارعا «بور سعيد » و «مار الياس »، في عام 1954 ، الميناء إلى قسمين: قسم داخلي باتجاه لقمة العيش البحريّة، وآخر باتجاه المقلب الغربي حيث البنايات الجديدة.
من هنا، نرى إنسان المدينة القديمة ملتصقاً بالأزقّة الداخليّة ومكتفياً بها، فبنى مساجده وكنائسه 7 ومقابره )قبل أن تنتقل في عام 1875 إلى منطقتها الحالية لتبقى التسمية على الساحتين الرئيستين: ترب 8 الاسلام وترب المسيحية 9(.
وهذا الاكتفاء ولّد التعاون الأهلي والتعاضد والتناصر حتى ساد القول السائر: «ابن مينتي ». فترى المسيحيين يتبرعون مالياً لبناء مسجد عمر بن الخطاب 10 كما ورد في دفتر التبرعات الصادر عن لجنة بناء الجامع في الستينيات 11 ، وترى المسلمين يسهمون يدوياً في ترميم الكنائس، كما جرى في بناء كنيسة النبي الياس، زمن الاقتتال الأهلي في جبل لبنان عام 1861 ، بعد عاصفة بحريّة كادت تودي بحياتهم 12 ، ولعل هذا التكاتف هو وليد ملح البحر والسعي المشترك لاصطياد لقمة العيش من قاعه.
ثمّ إنّ المجتمع الميناوي الأصيل هو حرفيّ يدويعتيق، هو الذي صنع الحجر الرملي، واشتغل بالكلس لدهان الحيطان، وصنّع أدوات البناء بمهارة.
ولعلّ ذاكرة أبناء الميناء العتيقة وأرشيفها يبيّنان مهارةاليد الشعبية المتعاونة التي اشتغلت ببناء المساجد والكنائس، وفق الأساليب العمرانية القديمة كبناء القناطر وحجارة الزوايا وغيرها ، فها هو كبير البنّائين)شيخ المعمرجيّة( انطون الكيك، ) 1885 - 1981 ( 3 وهو لقب موثّق 14 من رئيس بلدية الميناء عبد الستار علم الدين في الثلاثينيات 15 ، يبني الجزء المزيد على مئذنة الجامع الحميدي 16 ، وها هو المعلم جرجس توما ) 1882 - 1933 ( 17 وعماله يشتغلون في جامع الأيوبيين 18 في الثلاثينيات في الحارة الجديدة. وهذا التلاقح العمراني انسحب على واجهة هيكل كنيسة مار جرجس المبنية عام 1735 حيث يبرز الفن الهندسي المملوكي عبر لعبة الرخام باللونين الأبيض والأسود.
هذا وقد اعتمد المهندسون المسلمون الكبار ومنهم مثلاً زهدي عبس 19 ) 1911 - 1997 ( ومصباح حولا 20 ) 1972-1888 ( على اليد العاملة الماهرة من أبناء الميناء في الحنيات الأثريّة والبناء فوق الحجر الرمليّ الذي كان سائداً في بناء البيوت الميناويّة القديمة.
ومن مداواة الحجر إلى مداواة البشر يظهر في نهاية القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، طبيب شعبي يلتفّ حوله أبناء الميناء بمختلف شرائحهم، يداوي فقراءهم ويبلسم الجراح، هو الطبيب يعقوب لبان ) 1887 - 1968 ( 21 الذي خرجت المدينة، بشبابها وشيبها، في وداعه، وأصرّ أهلها على تكريمه لخدمته التي لم تميّز بين الناس، فجمعوا التبرعات وأقاموا له تمثالاً في عام 1971 ، اختفى زمن الحرب الأهلية ليعود إلى مكانه لاحقاً باحتفال رعاه رئيس الجمهورية، وشارك فيه أهالي الميناء كلّهم 22 . هذا التراث وهذا التاريخ التكاملي بين أبناء النسيج الأهلي هو الذي أبقى مدينة الميناء - ما عدا بعض الحوادث - واحة سلام ومحبة طيلة أيام المحنة اللبنانية.
وقد توطّدت هذه العلاقة بالعمل اليومي الذي يعرف الوجوه والأسماء.
فأهل المدينة البحرية يعرفون بعضهم بعضاً، ، يفرحون معاً، ويتألمون معاً، لأنَّ المجتمع البحريّ هو مجتمع ضيّق، والمقاهي البحريّة تستقبل الصيادين يوميّاً، فهذه مجالس عاديّة وتقليديّة، بعد العودة من رحلة متعبة، حيث يملأ البحر عيونهم أحلاماً ومشاريع... وخوفاً من الغد.
من هذا البحر الزاخر بالعلم والآراء يأتي الشهيد الشيخ صبحي الصّالح 23 ليسأل خادم رعيّة الميناء المطران الحالي جورج خضر عن رأيه في مخطوطه حول النّظم الاسلاميّة، قبل أن يدفع به إلى الطبع 24 .
كما أن المرحوم المفتي الشيخ منير الملك 25 كتب مخطوطاً في تاريخ الأيام وزمانها، مشيراً إلى المناسبات المسيحيّة انعكاساً لواقع علاقاته المميّزة مع أهل مينائه 26 ، على اختلاف معتقداتهم لأنَّه كان مرجعاً حقيقيّاً لهم.
هذه العلاقات، كانت تقوم على احترام الإيمان المتبادل: فعن دور مدرسة مار الياس التي تأسست عام 1900 ، يقول الشيخ ناصر الصالح: « كان مدير المدرسة مكاريوس موسى ) مدير مدرسة مار الياس من عام 1933 إلى عام 1957 – توفي عام 1964 ( 27 يؤمّن للتلاميذ المسلمين أداء صلاة الجمعة، في «مسجد الميناء الكبير » ، فيصحبهم بنفسه أو يرسل معهم أحد المدرسين وكان كلّ طلبة صفّنا يحضرون درس الدين، من دون حرج، وكان مدرس الدين يومئذٍ الأب جورج خضر 28» . وماذا نقول عن وفد كنيسة الأرمن الأرثوذكس في الشمال، وغالبية أبنائها الساحقة من الميناء، والذي أعلن أثناء زيارته لتهنئة مفتي طرابلس الجديد سماحة الشيخ مالك الشّعار 29 : «أنّ لا مطران لنا في طرابلس، ولتكن سماحتك مشرفاً على شؤوننا لثقتنا بك وبنهجك وأسلوبك ».
وكي لا يبقى هذا الموقف بروتوكولياً، أعلن الوفد الأرمني ذلك أمام الصحف ووسائل الإعلام 30 .
واستطراداً لهذه الصور من العيش الواحد في الميناء، نلاحظ في صورة تعود إلى العهد العثماني وتضم نخبة من أعيان المدينة وقادتها، منهم ابراهيم حبيب ) 8 تشرين الثاني 1947 ( 31 في الصف الأول، وعلى صدره إشارة الصليب تبدو بشكل علني، على لباسه الرسمي 32 ، من دون أن يثير حفيظة أحد. هذه هي الميناء تعيش يومياتها بعفوية، وتسبق عصرما اصطلح على تسميته بعصر «حوار الحضارات ،» وفي لفظ آخر «صراع الحضارات .



-----------------------------------


قضاء طرابلس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هو أحد أقضية محافظة الشمال الثمانية، وتعتبر مدينة طرابلس العاصمة الإدارية للمحافظة. تصل مساحته حوالي 24 كيلومترا مربعا. يحد القضاء من الشمال قضاء المنية - الضنية ومن الشرق قضاء زغرتا ومن الجنوب قضاء الكورة.
يبلغ عدد سكان القضاء القاطنين فيه حوالي 780,000 نسمة، أي ما يعادل 15% من العدد الإجمالي لسكان لبنان.ويزيد عدد سكان إذا ما حسبنا ضواحي المدينة البداوي يتوزعون على ثلاث مدن وثلاث بلديات وهي طرابلس,الميناء والقلمون. وتعتبر الكثافة السكانية فيه الأعلى على الإطلاق حيث تصل إلى 25,000 شخصا في الكيلومتر الواحد
مركز القضاء، مدينة طرابلس ثاني المدن اللبنانية بعد العاصمة بيروت من الناحيتين السكانية والاقتصادية.
وتضم المدينة أكبر القلاع في لبنان وهي قلعة طرابلس التي حررها القائد المنصور قلاوون من الصلييبين.

كما يوجد فيها أيضا مساجد قديمة جدا وفيها في منطقة القبة قصر الأمير عمر غسان زمرلي ويوجد في هذه المنطقة مسجد حمزة <رضي الله عنه> وهو من المساجد الذي عانا واستشهد فيه من أكبر وأعظم الرجال. ويوجد المسجد الكبير وهو من أقدم المساجد في لبنان ويقع في وسط طرابلس. وقلعة الخمسين الموجودة على العملة اللبنانية هي قلعة طرابلس ومسجد طينال ومسجد غوردون باشا ومسجد سيدي عبد الواحد. يقطع المدينة نهر أبو علي حيث يفصل بين منصقتين هما القبة وأبي سمراء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق